تفسير الأحلام: أبرز الأحلام الشائعة التي يراها الإنسان

على مر العصور، كان يُعتبر للأحلام معنى عميق، حيث كانت تُعتبر ناقلة لرسائل إلهية قادرة على التأثير في مسار التاريخ.

عُرف الإسكندر الأكبر بكونه مؤسساً لمدينة جديدة، وعندما تقدم في خطته، ظهر له في أحد أحلامه رجل ذو شعر أشيب، ليخبره عن جزيرة بالقرب من سواحل مصر. وعند استيقاظه، قرر الإسكندر تغيير موقع البناء ليكون في هذه الجزيرة، التي أصبحت لاحقًا الإسكندرية.

حتى اليوم، يسعى الأفراد إلى إيجاد معاني في أحلامهم. على الرغم من تطور وسائل تفسير الأحلام منذ زمن الإسكندر، إلا أن الرغبة في الفهم تبقى قائمة.

في هذه المقالة، سنستعرض أساليب حديثة لتفسير الأحلام وسنبحث في معاني تسعة أحلام شائعة.

ما هي الأحلام ولماذا نحلم؟

تعتبر الأحلام تجارب متعددة الحواس تحدث أثناء النوم، حيث يمكن أن نرى صورًا ونتلقى أصواتًا ونشعر بإحساسات جسدية. قد نتمكن من تذكر الأحلام أو لا.

يوجد عدة أسباب وراء الظاهرة المرتبطة بالأحلام والتي سنشرحها فيما يلي:

تلعب الأحلام دورًا في معالجة التجارب العاطفية التي نمر بها.

قد تساعدنا الأحلام في التعامل مع المشاعر التي نختبرها خلال حياتنا. تشير الدراسات إلى أن نفس مناطق الدماغ تُظهر نشاطًا مشابهًا عندما نحلم وعندما نواجه أحداثاً عاطفية قوية.

تساعد الأحلام أيضًا في ترتيب المعلومات المستخلصة خلال اليوم.

يستخدم العقل الأحلام لفرز المعلومات بين ما يتوجب تخزينه في الذاكرة طويلة الأمد وما يمكن تجاهله.

يمكن أن تكون الأحلام أداة للكشف عن مشاعر غير واعية.

يعتقد بعض الباحثين أن الأحلام تلعب دورًا نفسيًا بجانب أغراضها البيولوجية، حيث قد تعبّر عن مشاعر أو رغبات لم نكن مدركين لها في واقعنا.

على مدى أكثر من قرن، سعى علماء النفس لتطوير نماذج تساعد في فهم المعاني المخبأة وراء الأحلام.

هل تحمل أحلامنا معاني معينة؟

على مدى مئة عام، اهتم علماء النفس بدراسة الأحلام سعياً لفهم معانيها بالنسبة للحالمين.

سيغموند فرويد

في عام 1899، أصدر المحلل النفسي سيغموند فرويد مؤلفه “تفسير الأحلام”، حيث استنتج بأن الأحلام تعبر عن رغبات لم يتم تحقيقها في الحياة اليقظة.

حدد فرويد نوعين من المحتويات في الأحلام:

• المحتوى الواضح (ما يظهر في الحلم نفسه)
• المحتوى الكامن (المعنى العميق الرمزي للحلم)

من خلال منهج تحليل الأحلام الفرويدي، يشجع المحلل الحالم على استكشاف المعاني الخفية لحلمه باستخدام عملية تُعرف باسم الارتباط الحر.

هذه العملية تتيح للحالم التعبير عن كل ما يتعلق بالصور والأحداث، مما قد يساعد في الكشف عن الرغبات الخفية في العقل الباطن.

كارل يونغ

مثل فرويد، اعتقد كارل يونغ أن الأحلام مرتبطة بالعقل اللاواعي ويمكن أن تساعد في شفاء الحالم إذا تم فهمها بشكل صحيح.

استنتج يونغ أن الأحلام تكشف الطريقة التي يخرج بها الفرد عن التوازن. في تحليل الأحلام على الطريقة اليونغية، يرمز كل جانب من جوانب الحلم إلى شيء ما داخل الشخص.

بالتالي، فإن الحلم يُعتبر وسيلة للتواصل مع النفس حول الأمور التي تعيق تقدّمنا الشخصي والنفسي.

نظرية الحلم المشترك

تركز الكثير من الأبحاث الحديثة على استجاباتنا لمحتوى الأحلام أثناء النوم وبعد الاستيقاظ، وقد أطلق الباحثون على هذه الفكرة اسم نظرية الحلم المشترك.

تقوم النظرية على أن المعنى الحقيقي للحلم لا يعتمد على الصور الموجودة فيه، بل يتم استخلاصه من خلال تحليل كيفية استجابتنا للأحداث داخل الحلم.

كيفية تحليل الأحلام

يمكننا تطبيق أساليب ومبادئ بحث الأحلام لتحليل تجاربنا بواسطة مشاركة أحلامنا في جلسات علاج جماعي أو مع معالج نفسي.

دعونا نتناول بإيجاز اثنين من هذه الأساليب:

نموذج تقدير حلم أولمان

أسس مونتاج أولمان مختبر الأحلام في مركز موسى بن ميمون الطبي في بروكلين، نيويورك. وتُعرف منهجية تحليل الحلم لديه بتقدير الحلم.

الخطوات الرئيسية في تقدير الحلم تشمل:

• كتابة حلمك ثم قراءته بصوت عالٍ لمجموعة.
• مناقشة حلمك مع الآخرين في المجموعة لاستكشاف مشاعرهم المحتملة تجاه حلمك.
• مناقشة خلفية الحياة الواقعية المرتبطة بالحلم.
• يقرأ أحدهم حلمك لك، مما يمنحك فرصة لإضافة تفاصيل إضافية.
• يقدم أفراد المجموعة روابط بين حياتك وحلمك.

يشير أولمان إلى أن أحد أهداف الأحلام هو تزويدك برؤى تساعدك على أن تكون أكثر صدقًا مع نفسك في الحياة الحقيقية.

نموذج العمل الاستكشافي الدلالي لكلارا هيل

كتبت كلارا هيل، أستاذة علم النفس بجامعة ميريلاند، 14 كتابًا حول العلاج النفسي، بما في ذلك العديد من كتب الأحلام. يجمع نموذجها لتفسير الأحلام بين الحالم والمعالج.

الخطوات الأساسية في عملية الاستكشاف الدلالي تتضمن:

• شرح الحلم للمعالج واستكشاف الصور الرئيسية فيه، وكذلك مناقشة المشاعر التي أثارها الحلم.
• تجميع الأفكار مع المعالج بناءً على محتوى الحلم.
• يساعدك المعالج في تحديد كيف يمكنك تغيير الحلم إذا كان لديك القدرة على ذلك.
• استنادًا إلى التغييرات المحتملة في حلمك، ستفكر في كيفية تنفيذ تغييرات مشابهة في حياتك.

يهدف نموذج تفسير كلارا هيل إلى تحقيق تغييرات سلوكية معرفية في حياة الحالم، حيث تُبنى خطة العمل على المعلومات المستفادة من الحلم.

تحليل وتفسير الأحلام بنفسك

يمكنك استخدام هذه الأطر كدليل لتفسير أحلامك بنفسك.

ملاحظة: احتفظ بقلم وورقة بالقرب من سريرك لتدوين أفكارك بمجرد الاستيقاظ.

9 أحلام شائعة لدى الكثير من الناس

تظهر موضوعات معينة بشكل متكرر في الأحلام. على الرغم من أن القليل من الأبحاث تفسر سبب انتشار هذه الموضوعات، إلا أن هناك العديد من التفسيرات الشائعة.

إليكم قائمة مختصرة بالأحلام التي يمر بها عدد كبير من الناس، مع تفسيرها في الثقافات الشعبية:

1. حلم الطيران

عندما تشعر بالسعادة أثناء الطيران في حلمك، يُفترض أنك تشعر بالتحرر، ربما لأنك قد تجاوزت شيئًا ما في حياتك.

بينما إذا كنت تشعر بالقلق أثناء الرحلة، فهذا قد يشير إلى رغبتك في الهروب من أمر ما في حياتك.

2. حلم التعري في الأماكن العامة

أحد التفسيرات الشائعة لرؤية نفسك عاريًا في المنام هو وجود شيء في حياتك يجعلك تشعر بالفضيحة أو الضعف.

3. حلم فقدان الأسنان

اعتبر فرويد أن هذه الصورة مرتبطة بفقدان القوة، لكنه مع مرور الوقت، اتسع هذا المفهوم ليشمل فقدانًا من أي نوع.

4. حلم المطاردة

يُعتبر من بين الكوابيس الأكثر شيوعًا، أحد التفسيرات المحتملة هو أنك تخشى بعض الأمور أو الأشخاص في حياتك وترغب في تجنب مواجهتهم مباشرة.

5. حلم الخيانة

يقول بعض المحللين إن هذه الأحلام غالبًا ما تتعلق بعدم الرضا عن جوانب حياتك أو علاقاتك. كما يمكن أن تشير إلى مشاعر لم تُحل مثل تعرضك لخيانة سابقة.

6. حلم التأخر عن الامتحان

يمكن أن تتضمن المتغيرات مثل اكتشاف أن الامتحان بلغة أجنبية أو أنك نويت ترك برنامج دراسي لكنه لم يتحقق. يعتقد الكثير أن هذه الصورة ترتبط بالشعور بعدم القدرة على تلبية التوقعات في مجالات معينة من الحياة.

7. حلم الحمل والولادة

إذا كنت تحلم بأنك حامل أو تلد، فقد يشير ذلك إلى تغييرات أو تطورات جديدة في جزء ما من حياتك. غالبًا ما يحلم الناس بهذا حين يقتربون من إنجاز أو حدث مهم.

8. زيارة شخص ميت

يعتقد البعض أن هذه الأحلام هي وسيلة يساعدك بها العقل الباطن للتعامل مع فقدان شخص عزيز أو الحاجة إلى إنهاء علاقة ما.

9. حلم الشلل أو عدم القدرة على الكلام

هذا الحلم يختلف عن غيره. وقد اكتشف الباحثون ظاهرة تُعرف باسم REM atonia، وهي فترة قصيرة من أثناء نوم حركة العين السريعة حيث يكون الجسم مشلولًا وغير قادر على الحركة.

يعتقد الباحثون أنه عندما تستيقظ قبل اكتمال هذه المرحلة، يمكن للعقل أن يتوهم أن الجسم غير قادر على الحركة. في اللحظات بين النوم واليقظة، قد تشعر بهذا الحلم.

الأفكار الرئيسية

يثير موضوع الأحلام فضول الناس، مما يفسر كيف لدينا تاريخ طويل من تطوير الأطر لتفسيرها. كان فرويد رائدًا في هذا الاتجاه، ثم أسهم يونغ بأفكاره الخاصة في تطوير النظرية. وتتناول النظريات الجديدة كيفية استجابتك لمحتوى الأحلام وكيف يمكنك استخدام هذه المعلومات لتوجيه حياتك الواقعية.

إذا كنت ترغب في البحث عن معنى أحلامك، يمكنك العمل مع معالج متخصص في مجال الأحلام، أو أن تشترك في جلسات علاجية جماعية للاستفادة من رؤى الآخرين. يمكنك أيضًا استكشاف أحلامك بنفسك عبر استخدام أطر عمل مدروسة جيدًا.